استفتاء بريطانيا يحير المستثمرين في أسواق المال
كل شيء في الأسواق متوقف على كيفية تصويت البريطانيين في يوم 23 يونيو/حزيران، فالكل يتبع استراتيجية "الانتظار والترقب" لتقليل المخاطر. لقد أصبحت قضية الاستفتاء وعما ستسفر عنه أكبر محددات أسواق المال في العالم.
وفي آخر البيانات المالية، قال مسح لـ"بنك أوف أميركا ميريل لينش"، أمس، إن حيازات السيولة الحالية لدى المستثمرين هي الأكبر منذ 2001، مع قيامهم بتقليص حيازات الأسهم إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات، تخوفاً من احتمال انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبسبب القلق حيال قدرة صناع السياسات على دعم الاقتصاد العالمي الهش. ورغم انخفاض عوائد السندات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق وأسعار الفائدة السلبية على الودائع المصرفية في أنحاء من العالم، فإن المستثمرين مستعدون للاحتفاظ بالسيولة في محافظهم، أكثر من أي وقت مضى، منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2001.
وأظهر مسح مديري الصناديق العالمية تراجع الشهية للمخاطرة إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات، وهو ما يتماشى مع مناخ الركود الاقتصادي، رغم ارتفاع توقعات النمو والأرباح إلى أعلى مستوياتها في ستة أشهر، ووصول توقعات التضخم إلى أعلى مستوى في عام.
وقال "بنك أوف أميركا ميريل لينش"، "عالمياً مازالت المعنويات ضعيفة. مستثمرو الأصول العالمية يحتفظون بأعلى متوسط سيولة منذ نوفمبر 2001، في حين تراجعت مخصصاتهم للأسهم إلى أقل مستوى في أربع سنوات". وأضاف أن مديري الصناديق أصبحوا يحتفظون بسيولة نسبتها 5.7% في المتوسط بمحافظهم، ارتفاعاً من 5.5% في مايو/أيار. وأوضح المسح الذي شمل 213 مدير صندوق، تبلغ قيمة الأصول تحت إدارتهم 654 مليار دولار، أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو مبعث الخطر الأكبر للأسواق العالمية (30% من المشاركين) ثم فشل سياسات التيسير الكمي التي تنتهجها البنوك المركزية (18%).
وفي ذات الاتجاه، أظهر مسح أجرته شركة "مانباور غروب" للتوظيف، أن القلق بشأن ما يحمله المستقبل لعضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أثر على خطط أرباب العمل للتوظيف في الربع الأخير.
وكانت شركة "مانباور جروب" حذرت من أن بريطانيا ستعاني من نقص حاد في المهارات في حالة خروجها من الاتحاد الأوروبي. وأظهر المسح الفصلي أنه رغم تعيين مزيد من العاملين في آخر ثلاثة أشهر، إلا أن وتيرة التوظيف كانت أبطأ للربع الثاني على التوالي. وعزت مانباور التباطؤ إلى حالة عدم اليقين بشأن استفتاء 23 يونيو/حزيران، إذ تظهر استطلاعات الرأي تقاربا كبيرا بين المعسكر المطالب بانسحاب بريطانيا والمعسكر المؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي. وحذرت الشركة من أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يحدّ من فرص اختيار أصحاب العمل للعاملين بنسبة 28%.
وقال جيمس هيك، المدير العام لمانبور جروب سوليوشنز، "الانسحاب من الاتحاد الأوروبي سيزيد من صعوبة جذب الأفضل والأبرع". وتابع "سيعني المزيد من البيروقراطية لمن يأتون إلى بريطانيا وأجورا أقل تنافسية، لاسيما إذا هبط سعر الاسترليني مثلما يحذر كثيرون من بينهم بنك إنجلترا. "وشمل مسح مانباور 2110 شركات".
وفي سوق الصرف البريطاني، واصل الجنيه الاسترليني خسائره، أمس الثلاثاء، أمام الين، إذ انخفض بنسبة واحد بالمائة خلال اليوم، وسط مخاوف من تصويت بريطانيا بالموافقة على الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء سيجري خلال أقل من عشرة أيام. وبلغ الجنيه الاسترليني في أحدث معاملات 150.12 ين، بانخفاض نحو واحد بالمائة عن الفتح، وفقا لبيانات تومسون رويترز. ومقابل العملة الأميركية هبط الجنيه 0.6% إلى 1.4183 دولار.
إلى ذلك، قال مسؤول في صندوق النقد الدولي، أمس، إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيقود إلى فترة من الضبابية ستحيط بالتجارة بين لندن والاتحاد الأوروبي.
وقال ديفيد ليبتون، النائب الأول للمدير العام للصندوق خلال مؤتمر صحافي في بكين، إنه بينما يصعب التكهن بالضبط بالآثار التي ستنتج عن خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي فقد يسود جو من الضبابية وعدم التيقن على نطاق أوسع، وهو ما سيكون عنصراً سلبياً في وقت يتسم بضعف الاقتصاد العالمي. وسيصوت البريطانيون في استفتاء حول البقاء في عضوية الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو/حزيران.